فصل: تناقض المدعي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.اليمين على نية المستحلف:

اذا حلف أحد المتقاضين كانت اليمين على نية القاضي وعلى نية المستحلف الذي تعلق حقه فيها لا على نية الحالف لما تقدم في باب الايمان قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «اليمين على نية المستحلف».
فإذا ورى الحالف بأن أضمر تأويلا يختلف عن اللفظ الظاهر كان ذلك غير جائز.
وقيل: تجوز التورية إذا اضطر إليها بأن كان مظلوما.

.الحكم بالشاهد مع اليمين:

إذا لم تكن للمدعي بينة سوى شاهد واحد فإنه يحكم في الدعوى بشهادة هذا الشاهد ويمين المدعي لما رواه الدارقطني من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الحق بشاهدين فإن جاء بشاهدين أخذ حقه.
وإن جاء بشاهد واحد حلف مع شاهده، وإنما يحكم بالشاهد مع اليمين في جميع القضايا إلا الحدود والقصاص.
وقصر بعض العلماء الحكم بالشاهد واليمين في الأموال وما يتعلق بها، وأحاديث القضاء بالشاهد واليمين رواها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نيف وعشرون شخصا.
قال الشافعي: القضاء بشاهد ويمين لا يخالف ظاهر القرآن لأنه لايمنع أن يجوز أقل مما نص عليه.
وبهذا قضى أبو بكر وعلي وعمر بن عبد العزيز وجمهور السلف والخلف ومنهم مالك وأصحابه والشافعي وأتباعه وأحمد وأسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وداود وهو الذي لا يجوز خلافه.
ومنع من ذلك الأحناف والاوزاعي وزيد بن علي والزهري والنخعي وابن شبرمة وقالوا: لا يحكم بشاهد ويمين أبدا.
والأحاديث التي وردت في هذا حجة عليهم.

.القرينة القاطعة:

القرينة هي الأمارة التي بلغت حد اليقين، ومثالها فيما إذا خرج أحد من دار خالية خائفا مدهوشا وفي يده سكين ملوثة بالدم، فدخل في الدار ورؤي فيها شخص مذبوح في ذلك الوقت، فلا يشتبه في كونه قاتل هذا الشخص، ولا يلتفت إلى الاحتمالات الوهمية الصرفة كأن يكون الشخص المذكور قتل نفسه.
ويؤخذ بها متى اقتنع القاضي بأنها الواقع اليقين.
قال ابن القيم: ولا يقف ظهور الحق على أمر معين لا فائدة في تخصيصه به مع مساواة غيره في ظهور الحق أو رجحانه عليه ترجيحا لا يمكن جحده ودفعه، كترجيح شاهد الحال على مجرد اليد في صورة من على رأسه عمامة وبيده عمامة وآخر خلفه مكشوف الرأس يعدو إثره، ولا عادة له بكشف رأسه، فبينة الحال ودلالته هنا تفيد من ظهور صدق المدعي أضعاف ما يفيد مجرد اليد عند كل أحد، فالشارع لا يهمل مثل هذه البينة والدلالة، ويضيع حقا يعلم كل أحد ظهوره وحجته.
وذكر الأحناف من أمثلتها أيضا: إذا اختلف رجلان في سفينة فيها دقيق، وكان أحدهما تاجرا والاخر سفانا، وليس لاحدهما بينة،
فالدقيق يكون للاول والسفينة للثاني وكذلك يعد منها ثبوت نسب الولد من الزوج عملا بالحديث الشريف «الولد للفراش».

.اختلاف الرجل والمرأة في متاع البيت:

وعند الحنابلة انه إذا اختلف شخصان ووجد ظاهر لاحدهما عمل به، فلو تنازع الزوجان في قماش البيت فما يصلح للرجل فهو له وما يصلح للمرأة فهو لها وما يصلح لهما يقسم بينهما مناصفة، وإن كان بايديهما تحالفا وتناصفا فإن قويت يد أحدهما مثل حيوان يسوقه شخص ويركبه شخص آخر فهو للراكب لقوة يده.

.البينة الخطية والوثائق الموثوق بها:

لما اعتاد الناس التعامل بالصكوك واعتمدوا عليها أفتى بعض العلماء من المتأخرين بقبول الخط والعمل به، وأخذت بذلك مجلة الاحكام العدلية وقبلت الاثبات بصكوك الدين وقيود التجار وغيرها، إذا كانت سالمة من شبهة التزوير والتصنيع، واعتبرت الاقرار بالكناية كالاقرار باللسان.
وكذلك يعمل بالاوراق الرسمية إذا كانت خالية من التزوير والفساد.

.التناقض:

التناقض قسمان:
1- تناقض الشهود.
2- تناقض المدعي.

.تناقض الشهود أو رجوعهم عن الشهادة:

إذا أدى الشهود الشهادة ثم رجعوا عنها في حضور القاضي قبل إصدار الحكم تكون شهادتهم كأن لم تكن ويعزرون.
وهذا رأي جمهور الفقهاء، أما إذا رجع الشهود عن الشهادة بعد الحكم في حضور القاضي فلا ينقض الحكم الذي حكم به ويضمن الشهود المحكوم به.
وقد روي أن رجلين شهدا عند الإمام علي - كرم الله وجهه - على آخر بالسرقة فقطع يده ثم عادا بعد ذلك برجل غيره قائلين: إنما السارق هذا.
فقال علي: لا أصدقكما على هذا الاخر وأضمنكما دية يد الأول ولو أني أعلمكما فعلتما ذلك عمدا قطعت أيديكما.
وعلل شهاب الدين القرافي رأي الجمهور هذا بقوله: إن الحكم ثبت بقول عدول وسبب شرعي ودعوى الشهود بعد ذلك الكذب اعتراف منهم أنهم فسقة، والفاسق لا ينقض الحكم بقوله فيبقى الحكم على ماكان عليه.
وذهب ابن المسيب والاوزاعي وأهل الظاهر إلى نقض الحكم عند الرجوع عن الشهادة في كل الاحوال لأن الحكم ثبت بالشهادة فإذا رجع الشهود زال ما يثبت به الحكم، وكذلك سائر الحدود والقصاص عند بعض الفقهاء لا ينفذ الحكم إذا رجع الشهود قبل التنفيذ لأن الحدود تدرأ بالشبهات.

.تناقض المدعي:

إذا سبق كلام من المدعي مناقض لدعواه بطلت الدعوى، فإذا أقر بمال لغيره ثم ادعى أنه له، فهذا الادعاء المناقض لاقراره مبطل لدعواه ومانع من قبولها.
وإذا أبرأ أحد آخر من جميع الدعاوى فلا يصح له أن يدعي عليه بعد ذلك مالا لنفسه.

.نقض بينة المدعي:

يجوز للمدعى عليه أن يقدم البينة التي يدفع بها دعوى المدعي ليثبت براءة ذمته إذا كانت لديه هذه البينة.
فإذا لم تكن له مثل هذه البينة جاز له أن يقدم بينة تشهد بالطعن في عدالة الشهود وتجريح بينة المدعي.

.تعارض البينتين:

وإذا تعارضت البينتان ولم يوجد ما يرجح إحداهما قسم المدعى بين المدعي والمدعى عليه: فعن أبي موسى أن رجلين ادعيا بعيرا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث كل واحد منهما بشاهدين فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما نصفين رواه أبو داود والحاكم والبيهقي.
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي من حديث أبي موسى: «أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دابة ليس لواحد منهما بينة فجعلها بينهما نصفين».
وإلى هذا ذهب أبو حنيفة، فإن كان المدعى في يد أحدهما فعلى خصمه البينة، فإن لم يأت بها فالقول لصاحب اليد مع يمينه، وكذلك لو أقام كل واحد منهما البينة كانت اليد مرجحة للشهادة.
فعن جابر، أن رجلين اختصما في ناقة، فقال كل واحد منهما: نتجت عندي، وأقام بينة.
فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن هي في يده.
أخرجه البيهقي ولم يضعف اسناده، وأخرج الشافعي نحوه.

.تحليف الشاهد اليمين:

إن عدالة الشهود في هذا الزمن قد أصبحت غير معلومة فوجب تقويتها باليمين.
وقد جاء في مجلة الاحكام العدلية: إذا ألح المشهود عليه على الحاكم قبل الحكم بتحليف الشهود: أنهم لم يكونوا في شهادتهم كاذبين وكان هناك لزوم لتقوية الشهادة باليمين، كان للحاكم أن يحلف الشهود وأن يقول لهم: إن حلفتم قبلت شهادتكم وإلا فلا.
وقد ذهب إلى هذا ابن أبي ليلى وابن القيم ومحمد بن بشير قاضي قرطبة، ورجحه ابن نجيم الحنفي، وعند الأحناف: أن الشاهد لا يمين عليه لأن لفظ الشهادة يتضمن معنى اليمين.
وعند الحنابلة: لا يستحلف شاهد أنكر تحمل الشهادة ولا حاكم أنكر الحكم ولا وصي على نفي دين على موص.
ولا يستحلف منكر النكاح والطلاق والرجعة والايلاء والنسب والقود والقذف لأنها ليست مالا ولا يقصد به المال ولا يقضى فيها بالنكول.

.شهادة الزور:

شهادة الزور هي من أكبر الكبائر وأعظم الجرائر لأنها مناصرة للظالم وهضم لحق المظلوم وتضليل للقضاء وإيغار للصدور وتأريث للشحناء بين الناس.
يقول الله سبحانه: {فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور} وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار» رواه ابن ماجه بسند صحيح.
وروى البخاري ومسلم عن أنس قال: «ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أو سئل عن الكبائر فقال: الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقال: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قول الزور. أو قال: شهادة الزور».
وروي عن أبي بكرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله قال: الاشراك بالله، وعقوق الوالدين - وكان متكئا قجلس وقال: الا وقول الزور وشهادة الزور...فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت» عقوبة شاهد الزور: رأي الإمام مالك والشافعي وأحمد أن شاهد الزور يعزر ويعرف بأنه شاهد زور.
وزاد الإمام مالك فقال: يشهر به في الجوامع والاسواق ومجتمعات الناس العامة عقوبة له وزجرا لغيره.

.السجن:

السجن قديم وقد جاء في القرآن الكريم أن يوسف عليه السلام قال: {قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه}.
وذكر أنه دخل السجن ولبث فيه بضع سنين.
وقد كان السجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى عهد الصحابة ومن بعدهم إلى يومنا هذا.
قال ابن القيم: الحبس الشرعي ليس هو الحبس في مكان ضيق.
وإنما هو تعويق الشخص ومنعه من التصرف بنفسه، سواء كان في بيت أو مسجد أو كان بتوكيل الخصم أو وكيله عليه وملازمته له.
ولهذا سماه النبي أسيرا كما روى أبو داود وابن ماجه عنا لهرماس بن حبيب عن أبيه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بغريم لي فقال لي: الزمه.
ثم قال: يا أخا بني تميم، ما تريد أن تفعل بأسيرك؟ وفي رواية ابن ماجه: ثم مربي في آخر النهار فقال: ما فعل أسيرك يا أخا بني تميم؟ ثم قال ابن القيم: وكان هذا هو الحبس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضي الله عنه.
ولم يكن محبس معد لحبس الخصوم.
ولكن لما انتشرت الرعية في زمن عمر بن الخطاب ابتاع بمكة دارا وجعلها سجنا يحبس فيها، ولهذا تنازع العلماء من أصحاب أحمد وغيرهم: هل يتخذ الإمام حبسا، على قولين: فمن قال: لا يتخذ حبسا، قال: لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لخليفة بعده حبس، ولكن يقومه أي الخصم بمكان من الأمكنة أو يقام عليه حافظ، وهو الذي يسمى الترسيم.
أو يأمر خصمه بملازمته كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ومن قال: له أي للإمام أن يتخذ حبسا قال: قد اشترى عمربن الخطاب من صفوان بن أمية دارا بأيعه آلاف وجعلها حبسا ا.هـ.